الدامر - هموم وقضايا

[

size=18]بسم الله الرحمن الرحيم

منطقة الدامَّر وقضايا التنمية (1)

بقلم: محمد أحمد مجذوب

ظلت منطقة الدامَّر – وأعني بها الدامَّر بكل احيائها وقراها واريافها الممتدة على ضفتي النيل وضفتي الأتبراوي والتي لا تنفصل عنها بأي حال من الأحوال وذلك لإعتبارات كثيرة يطول شرحها – ظلت تعاني ولعقود طويلة من الزمان من الإهمال الإداري وتدهور الخدمات والتردي التنموي ببعديه الإنساني والإقتصادي .
وفي هذه المساحة نحاول أن نتلمس الأبعاد الإجتماعية والسياسية والمحددات التنموية التي اقعدت بالمنطقة وحالت دونها والتقدم التنموي الإجتماعي والإقتصادي – بالرغم من الإرث الثقافي والإجتماعي والحضاري والإقتصادي لهذه المنطقة – وفي استعراضنا لهذه المعوقات والمحددات نهدف إلى تحسس مواطن الداء حتى يتسنى الدواء.
تتسم منطقة الدامر بأبعاد جغرافية وإجتماعية وقضايا تنموية تكاد تكون نموزجاً لكثير من المناطق والمدن في السودان .. فإلى جانب اتساع رقعتها الجغرافية تجمع بين الطابع المدني لحد ما على المستوى الحضري وبين الطابع الريفي على المستوى الإجتماعي والثقافي . وبهذا الطابع المزدوج تشكلت علاقاتها الإقتصادية المرتبطة بالزراعة بشقيها ( الزراعي والحيواني ) وبالتجارة والنشاط الحرفي كأنشطة مدنية لا تنفصل عن النشاط الزراعي والرعوي السائد.
وتبعاً لهذه الخصوصية كان لابد للنظام الإداري الحكومي الذي يدير وينظم العلاقات الإقتصادية والخدمية والتنموية للمنطقة أن يراعي هذه الخصوصية . واعتقد أن الإدارة الإنجليزية - بالرغم من أهدافها الخاصة- قد فطنت لتلك الثنائية ، فوضع الإنجليز منهجهم الإداري بالإهتمام بالبعد الريفي للمنطقة وقدراتها الإقتصادية بما يتوافق مع طبيعة السكان الريفية وثقافتهم وقيمهم الإجتماعية واحتياجاتهم الإقتصادية والخدمية وفي نفس الوقت الإهتمام بالجانب الحضري على مستوي المدينة لتقوم بدورها بتقديم مستوى من الخدمات التعليمية والصحية وخدمات الدوائر الحكومية لتناسب احتياجات هذا الريف وهذه المدينة بطابعها الريفي إقتصادياً وإجتماعياً .
وفي العهود الوطنية إلتمس هذه الخصوصية نفر قليل من الإداريين المتميزين وبذلوا جهدهم في إيطار هذه الثنائية بالإستفادة من الجهد وسخاء العطاء الأهلى لخدمة هذا الطابع الريفي المدني وربط النشاط الإداري والخدمي للمدينة وسوقها التجاري بالنشاط الإقتصادي والإحتياجات الخدمية والإجتماعية للريف.
ولكن وللأسف الشديد ومنذ ما يربو على الأربعة عقود الماضية كانت العشوائية والأهمال والتخبط وضيق النظر والتعسف الإداري السمات الأساسية للأداء الإداري للإدارات الحكومية المتعاقبة بشقيها السياسي والتنفيذي . فقد أُهمل الريف وكل مايتعلق به من قضايا مرتبطة بالزراعة وماتحتاجه من خدمات زراعية من مدخلات إنتاج وتحسين وترقية المنتجات وتقديم الخدمات الإرشادية ومعالجة المشاكل الموسمية المرتبطة بالإنتاج الزراعي وعلاقات التسويق.. وكذلك أهمل القطاع الرعوي وما يتعلق به من إحتياجات على مستوى توفير مياه الشرب للإنسان والحيوان والخدمات البيطرية وما يتعلق بمشاكل القطعان والأودية والإنتاج الحيواني عموماً . هذا على مستوى البعد الإقتصادي .
أما على مستوي الخدمات الإجتماعية فالتردي البيئي وتردي وتدهور خدمات الصحة والتعليم والمياه فقد وصل مرحلة مؤسفة حقاً . فقد أصبحت النظرة لهؤلاء المزارعين والرعاة نظرة مادية ومواعيين إيرادية ليس إلا – هذا على مستوى الإدارة التنفيذية – أما على مستوى الإدارات السياسية فالنظرة لهؤلاء لا تعدو إلا أن يكونوا رقماً كمياً لا نوعياً يضاف لرصيدهم وكسبهم السياسي . ونسيت هذه الإدارات أوتناست أن هذا الإنسان هو عماد التنمية وهدفها الأساسي ومن أولى واجبات الإدارة الحكومية أن تهتم بصحته وصحة اسرته ومياه شربه وتعليمه وتعليم أطفاله وتقديم الخدمات المرتبطة بمصادر رزقه وكسبه سوى كانت زراعية أو رعوية أو تجارية أو مهن حرفية.
وكنتيجة طبيعية لهذا التردي والإهمال كان لابد أن تطال يد التردي والتدهور الحياة المدنية على مستوى النشاط التجاري لسوق المدينة – المرتبط اساساً بالريف – وتردي الخدمات الصحية ومياه الشرب والخدمات التعليمية في المنطقة بصورة عامة على مستوي الأرياف و المدينة وأصبحت الدوائر الحكومية بوابة لخدمة مصالح الإداريين الشخصية ومدخل لخدمة أغراض النفعيين والإنتهازيين ممن يسمون – اصطلاحاً – بالقيادات الشعبية والأهلية .
وقد وصل الحال بتخبط وعشوائية وتعسف الإدارة التنفيذية و السياسية أن يستقطع في فترة من الفترات جزء أصيل من هذا النسيج الإجتماعي والإقتصادي للمنطقة وهو قطاع الريف الغربي لمحلية الدامر ويُتبَّع إدارياً ومالياً لمحلية عطبرة ( بمنظور ايرادي بحت ) دون مراعاة للبعد الجغرافي ولطبيعة النشاط والخدمات الزراعية والرعوية التي تحتاجها هذه المنطقة والمرتبطة أساساً بمحلية الدامر إجتماعياً واقتصادياً وخدمياً .. وليس لمحلية عطبرة ذات الإهتمامات والطبيعة العمالية القدرة على التجانس وتفهم القضايا والمشاكل والإحتياجات الضرورية لأهالي هذه المنطقة ( ألهمَّ إلا إن كان بالنظر إليهم كماعون إيرادي ليس إلا ). بل ذهب التخبط والعشوائية الإدارية والسياسية لأبعد من ذلك بنقل عدد من الوزارات والإدارات الحكومية – في وضع دستوري مختل وغريب – من الدامَّر كعاصمة للولاية إلى مدينة عطبرة بل التخطيط لمشروع للتعدي وضم الجزء الشمالي لمحلية الدامر إلى محلية عطبرة استباقاً للإنتعاش الإقتصادي المؤمل أن تشهده هذه المنطقة بقيام عدد من الصناعات بها وبقرب إكتمال العمل في كبري الدامر الذي يربط شرق النيل بغربه في منطقة أم الطيور مع قرب وصول طريق مروي – الدامَّر والذي سيربط الولاية الشمالية بالطريق القومي إلى الخرطوم وإلى بورتسودان . وكل ذلك يتم التخطيط له بمنظور إيرادي بحت وليس من منظور تنموي حقيقي يخدم قضايا العنصر البشري فى هذه المنطقة وعلى سبيل المثال لا الحصر قضية غبار مصنع الأسمنت وما يرتبط بها من مشاكل بيئية وصحية مؤسفة على مستوى الانسان والأرض والحيوان في مناطق العكد والمقرن والبان جديد وحتى الحلة الجديدة .
وهذه العشوائية الإدارية اعتقد أن مردها لعدد من الاسباب – أو لأحدها على الأقل – أولها : ضعف الإدارة السياسية والتنفيذية في محلية الدامر وعدم قدرتها على كسب السند الشعبي لأهالي المنطقة وكسب سند الإدارة السياسية الولائية والاتحادية . وثانيها : أن يكون مردها لتواطؤ ومحاباة الإدارة السياسية بالولاية – لأي أسباب كانت سياسية أو جهوية أو غيرها – لمحلية عطبرة على حساب محلية ومنطقة الدامَّر . وثالثها : أن يكون مردها لما يعتبره الإداريون والسياسيون النافذون في محلية عطبرة نوعاً من الزكاء والدهاء الإداري لتحقيق مكاسب لمحليتهم على حساب محلية الدامر وربما السعي لنقل عاصمة الولاية إلى مدينتهم .
وسوى كان هذا التجني والتخبط والتردي الإداري المتعمد عن قصد أو عن جهل فعلى الإدارات التنفيذية والسياسية أن تدرك حقيقة مفادها أن تنمية وتطور وترقية الخدمات بالولاية عموماً مرتبط بتنمية وتطور وترقية الخدمات بمنطقة الدامر بوحداتها الإدارية المختلفة وتدهورها مرتبط بتدهور هذه المنطقة وذلك لأسباب وابعاد إقتصادية وإجتماعية وحضارية لهذه المنطقة وما لها من أثر في التركيبة النفسية والثقافية لأهالي الولاية ولإنسان شمال السودان عموماً . ونواصل انشاء الله ..[/size]

الأخ الأستاذ محمد أحمد المجذوب ....

لقد افتقدناك كثيراً وافتقدنا هذا القسم والذي مثل الهدف الأساسي من قيام المنتدى

نرجو عودتك قريباً لكي تتحفنا بأفكارك ونقاشاتك ولكي نستنهض الهمم من أجل تنفيذ برامج واقعية في مصلحة الدامر وأهل الدامر...

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
نتمنى من الجميع المشاركة بجد

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]